الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثناء العلماء على الشيخ الألباني

السؤال

ما صحة القول بأن عقيدة الألباني فيها بعض الأخطاء, وأنه أخذ بعض أفكار المرجئة, وأنه كان يصحح ما يوافق هواه من الأحاديث, ويضعف ما لا يوافق هواه؟ وما هو كتاب: "أخطاء الألباني وشذوذه"؟
أرجو منكم التوضيح - أدخلكم الله جنة الفردوس -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالشيخ العلامة الألباني - رحمه الله تعالى - من علماء أهل السنة والجماعة في هذا العصر, سائر على عقيدتهم، وهو من خواص علماء الحديث، وقد أثنى عليه كثير من العلماء، من أخصهم الشيخان الكبيران: ابن باز, وابن عثيمين - رحم الله الجميع -.
فقد قال الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى -: ناصر الدين الألباني من خواص إخواننا المعروفين، قد عرفتُه قديمًا، وهو من خيرة العلماء، ومن أصحاب العقيدة الطيبة، وممن فرَّغ وقته في الحديث الشريف، وخدمة السنة، فهو جدير بالاحترام والعناية الشرعية، وهو جدير بأن يُنتفع بكتبه ويُستفاد منها، وأنا ممن يستفيد منها، وقد طالعتُ كثيرًا من كتبه، فهي كتب مفيدة، وهو أخٌ صالح، وصاحب سنة، وهو ليس معصومًا، مثل غيره من العلماء، قد يصحِّح بعض الأحاديث ويخطئ، وقد يضعِّف ويخطئ؛ لكن في الجملة يغلب على عمله في التصحيح والتضعيف هو الطيب والاستقامة، وهو - ولله الحمد - من أهل السنة والجماعة، رزقنا الله وإياه الاستقامة وحسن الخاتمة، وكثّر من المسلمين ممن يشاكله في العلم والعمل، والدعوة إلى الخير، والله المستعان. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: من رمى الشيخ الألباني بالإرجاء فقد أخطأ؛ إما أنه لا يعرف الألباني, وإما أنه لا يعرف الإرجاء، الألباني رجل من أهل السنة - رحمه الله - مدافع عنها، إمام في الحديث، لا نعلم أن أحدًا يباريه في عصرنا. انتهى.
وليس معنى هذا أن الشيخ الألباني - رحمه الله - معصوم من الخطأ، بل حاله حال العلماء والأئمة من قبله، فما وافق فيه الحق قبلناه، وما أخطأ فيه رددنا خطأه وحفظنا له قدره، وليس من العدل أن ينسب - بخطأ لا يسلم منه أحد - إلى عقيدة مخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة, وهو سائر عليها, مقرر لها، ولا من العدل - بل من الحيف والجرأة المنكرة على أهل العلم - أن ينسب إلى الهوى في تصحيحه للحديث وتضعيفه، وقد شهد له العلماء الكبار بإمامته في الحديث.
ومن درر شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - قوله: ولا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمة, وإن كان ذلك في المسائل العلمية, ولولا ذلك لهلك أكثر فضلاء الأمة, وإذا كان الله يغفر لمن جهل تحريم الخمر لكونه نشأ بأرض جهل؛ مع كونه لم يطلب العلم, فالفاضل المجتهد في طلب العلم بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه إذا كان مقصوده متابعة الرسول بحسب إمكانه هو أحق بأن يتقبل الله حسناته, ويثيبه على اجتهاداته, ولا يؤاخذه بما أخطأ تحقيقًا لقوله: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} . انتهى.
وما أروع ما قاله تلميذه ابن القيم - رحمه الله تعالى -: وَمَنْ لَهُ عِلْمٌ بِالشَّرْعِ وَالْوَاقِعِ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الرَّجُلَ الْجَلِيلَ الَّذِي لَهُ فِي الْإِسْلَامِ قَدَمٌ صَالِحٌ وَآثَارٌ حَسَنَةٌ, وَهُوَ مِنْ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ بِمَكَانٍ, قَدْ تَكُونُ مِنْهُ الْهَفْوَةُ وَالزَّلَّةُ هُوَ فِيهَا مَعْذُورٌ, بَلْ وَمَأْجُورٌ لِاجْتِهَادِهِ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتْبَعَ فِيهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُهْدَرَ مَكَانَتُهُ وَإِمَامَتُهُ وَمَنْزِلَتُهُ مِنْ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني