الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حفظ العرض والذب عن عرض سيد المرسلين

السؤال

س: يجب الاعتقاد أن أعراضنا فداء لعرض نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فهل معنى هذا أنه يجب أن نعتقد أنه ينتهك شرفنا ولا يؤذى شرف الرسول عليه الصلاة والسلام؟ وهل يجب اعتقاد هذا؟ واذا كان كذلك، فكيف قال النبي المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: من مات دون عرضه فهو شهيد؟ هذا سؤالي وأتمنى من سعادتكم أجابته لو سمحتم، لأنه يفتح أبواب الوسوسة عندي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن المسلم يتعين عليه إبعاد الوساوس وصرف ذهنه عنها وعدم الاسترسال فيها، واعلم أن حفظ العرض من الضرورات التي جاءت الشريعة بحفظها، فهو من الضروريات المتفق عليها بين سائر الملل، كما نص عليه علماء الأصول، ففي المراقي في أصول الفقه للعلامة الشنقيطي:

دين فنفس، ثم عقل ، نسب مال إلى ضرورة تنتسب

ورتبن، ولتعطفي مساويا عرضا على المال تكن موافيا

فحفظها حتم على الإنسان في كل شرعة من الأديان.

ولكن الذب عن عرض النبي صلى الله عليه وسلم آكد وأوجب من الحفاظ على عرض غيره وقد أحسن الشاعر حيث يقول:

عرضي فدا عرض الحبيب محمد وفداه مهجة خافقي وجناني

وفداه كل صغيرنا وكبيرنا * وفداه ما نظرت له العينان.

وكل مؤمن يود أن يفدي هذا العرض بنفسه وأهله وعرضه وماله، كما ثبت عن الصحابة أنهم كانوا يبذولون دماءهم في صون عرضه وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يمدح من فعل ذلك، وقد قال حسان بن ثابت يخاطب أبا سفيان بن الحارث:

هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء

فإن أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء.

ولا يسوغ للمسلم أن يرضى مع حصول الأذى للرسول صلى الله عليه وسلم وقد ضرب الصحابة أروع الأمثلة في ذلك فقد قال أبو سفيان لكل من خبيب وزيد بن الدثنة: أيسرُّك أن محمداً عندنا يُضربُ عنقه وإنك في أهلك فقال: لاوالله، مايسُّرني أني في أهلي، وأن محمداً في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، ثم قتل وصلبوه فقال أبو سفيان: مارأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني