الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من السنة توقير العالم

السؤال

اعترض أحد الناس على تعلم القرآن بالتلقي من المشايخ و اكتفى بالتلقي عن طريق التلفاز بحجة أن المشايخ متكبرون و يأخذون الأموال مقابل التحفيظ، فكيف أرد عليه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الشبهة الواردة من هذا المعترض تنقسم إلى شقين:

الأول: قوله: إن المشايخ متكبرون ، فيقال له : اتق الله في علماء الأمة الذين اختصهم الله بحفظ دينه، ونقله للأجيال من بعدهم، والواجب عليك أن توقرهم لا أن تسعى في تنقصهم، كما قال طاووس - رحمه الله -: إن من السنة توقير العالم، رواه عبد الرزاق وابن عبد البر في الجامع، ولأن في تنقصهم ضياع للدين لابتعاد الناس عنهم وعن الأخذ منهم.

واعلم أن رميك العلماء بما رميتهم به نوع من الغيبة وهي من كبائر الذنوب قال تعالى : وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {الحجرات:12}.

ويزداد الأمر سوءًًا أن يرمى بذلك العلماء، وإذا كان قد بدا من أحدهم شيء دفعك إلى هذا الحكم ، فان الواجب عليك النصيحة لهم، والصبر على تعلم العلم منهم، وقد تواردت أقوال السلف بهذا المعنى، فقال بلال بن أبي بردة: لا يمنعنكم سوء ما تعلمون منا أن تقبلوا أحسن ما تسمعون منا. انظر جامع بيان العلم (543)

وقال ابن جماعة في التذكرة: وينبغي على المتعلم أن يصبر على جفوة تصدر من شيخه أو سوء خلق، ولا يصده ذلك عن ملازمته وحسن عقيدته، ويتأول أفعاله التي يظهر أن الصواب خلافها على أحسن تأويل.

وعن بعض السلف: من لم يصبر على ذل التعلم بقي عمره في عماية الجهالة ، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الدنيا والأخرى.

وأما عن الشبهة الثانية: وهي أنهم يأخذون أموالاًً، فاعلم رحمك الله أن الذي ذهب إليه جمهور الفقهاء أنه يجوز أخذ الأجرة على تعليم القراًن الكريم ، ودليلهم على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إن أحق ما أخذتم عليه أجراُ كتاب الله. رواه البخاري. وبما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج صحابياُُ بما معه من القرآن رواه البخارى ومسلم. فجعل القراُن عوضاُُ عن المهر، فكذلك تجوز الأجرة على تعليمه ، وأجاز النبى صلى الله عليه وسلم للراقي بالفاتحة أخذ الجعل وقال له: لقد أكلت برقية حق ، كلوا واضربوا لي معكم بسهم. رواه البخاري ومسلم.

قالوا أيضاُُ : حتى لا تتعطل المصالح ، لأن الناس لو انشغلوا لحاجاتهم ضاعت مصالح الدين.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فكل من عمل عملاً متعدياًُ للمسلمين فله حق من بيت المال على حسب نتيجة هذا العمل وثمرته. انظر الشرح الممتع 341/4 .

وعلى هذا فيجوز أخذ العوض على تعليم القرآن والتدريس والخطابة والقضاء ونحو ذلك مما هو من المصالح التي يحتاج إليها الناس.

فينبغي نصح الشخص المشار إليه بلطف، وانظر الفتوى رقم: 34050، والفتوى رقم: 35671.

وأخيرا: هل يتصور أن التلفاز يمكن أن يحل محل الشيخ في كل شيء؟

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني