الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخوف والقلق الشديد والاكتئاب وفقدان طعم الحياة، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الجبار والرائع، وأسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم؛ لأنكم تحاولون جاهدين مساعدة كل مكروب -بعد الله-، جزاكم الله خير الجزاء.

مشكلتي بدأت قبل 6 أو 7 سنوات تقريبا، فجأة بدون سابق إنذار وأثناء النوم كنت أحلم أنني ميت وفي القبر، استيقظت فاشتدت نبضات قلبي، وأصبحت أشعر بأني سوف أموت، وأصبت بحالة هلع، ومن بعدها وأنا أشعر وأحس دوما بقرب أجلي، وأشعر بضيق ووسواس يدور في عقلي يخبرني بأنني سوف أموت.

مع مرور الوقت أصبحت تظهر عندي أعراض جديدة مثل الخوف من المرض، الشك في كل شيء، العصبية، والقلق، والخوف الشديد من كل شيء، وخاصة الخوف بأنني سوف أموت أثناء ارتكاب أي معصية، خفقان شديد للقلب، وأحيانا أحس أن قلبي متعب، وسوف يتوقف، حتى أنني لا أستطيع النوم على الجهة اليسرى، أي جهة القلب، أفكار سلبية تأتي على أشكال مختلفة، مع فقدان طعم الحياة، والاكتئاب، شهوة مفرطة لممارسة الزنا أو العادة السرية.

بالحديث عن العادة السرية، عند ممارسة الاستمناء، وبعد الانتهاء منه يبدأ قلبي الخفقان، وتأتيني نوبات قلق، أو اضطرابات وعدم الاستقرار في مكان واحد، وسرعة القذف المفرطة.

بعد اشتداد هذه الأعراض دخلت في دوامة من الأفكار، والشكوك، فبعض الناس يقولون أنت مصاب بعين أو سحر أو تسلط قرين، والبعض يقولون أنها مجرد حالة نفسية، والبعض الآخر يقولون هذا قولون عصبي.

سيدي الفاضل أريد حلا لحالتي، والله.. والله.. والله تعبت، أريد شفاء نهائي لحالتي، لا أعلم ما بي تحديدا، أريد تشخيصا حالتي، ثم العلاج، كما أني مقبل على الزواج، فهل من علاج لسرعة القذف، والحالة المصاحبة لها؟ علما أنني أقذف أثناء الاستمناء بعد 5 أو 10 ثوان فقط.

أعلم اني قد أطلت في الكلام، وكلامي غير مرتب، ولكن أرجو أن تشخص حالتي، وتجيب على كل النقاط التي ذكرتها، ساعدني بسرعة، أكتب لك، ودمعتي بعيني، أريد أن أبتعد عن هذا الوسواس المدمر، الذي دمر صفو حياتنا، وأبعد عني الطمأنينة، وما أجملها من نعمة لا يعلمها إلا الذي فقدها، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

لم أر أي سبب للسعادة، أشعر باكتئاب، أرجوك يا دكتور كل الرجاء أن تسرع بالرد علي، فأنا بحاجتك بعد الله، وجزاك الله خيراً، وأسأل الله أن يجعله في موازين حسناتك، وجزاك الله كل الخير، وبارك الله فيك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Alaedine حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

واضح من استشارتك أنك تعاني من وسواس قهري ناتج عن حالة نفسية ووساوس شيطانية، كثير من الناس يأتيهم حلم أنهم ماتوا وأنهم صاروا في القبر، وكثر من تلك الرؤى هي من الشيطان الرجيم يخوف فيها البعض أو يحزنهم أو يريد أن يتخذها وسيلة لإدخال الشخص في مثل ما تعاني من وساوس.

أخي الكريم: لعلك تدرك أن الموت حق وأنه لا يمكن لأحد من البشر أن يخلد في هذه الحياة فلو كان ثمة خلود لكان لأنبياء الله ورسله قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) الموت يأتي لكل أحد بانتهاء أجله كما قال تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) تجاهل هذه الوساوس واحتقرها ولا تتحاور معها أو تسترسل بالتفكير فيها فكل الناس سيموتون وليس أنت وحدك.

من علامات ضعف الإنسان أمام الوسواس قبول التحاور معه والإصغاء له فإن أردت الخروج من هذه الوساوس فبادر للاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ووساوسه وخواطره فور ورودها وأخرج تلك الأفكار من ذهنك واشغل نفسك بأعمال أخرى تلهيك عنها وغادر المكان الذي تأتيك فيه هذه الوساوس، فاحذر من العيش منفردا بعيدا عن الناس فإن أكثر الوساوس تأتيك في حال الوحدة.

أكثر من تلاوة القرآن الكريم وحافظ على أذكار اليوم والليلة واجعل لسانك رطبا بذكر الله سبحانه فإن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وإن غفل وسوس يقول سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس).

عليك بالتوبة النصوح من كل ذنب فإن الذنوب من أعظم أسباب ضنك العيش وما يصاب العبد بشيء إلا كان ناتجا عن الذنوب كما قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) واسلك طريق الاستقامة وصاحب الأخيار فإن الانحراف عن طريق الله يجلب النكد والكدر يقول تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ) ووثق صلتك بالله سبحانه واجتهد في تقوية إيمانك فإن الحياة الطيبة السعيدة لا توهب إلا لمن اتصف بالإيمان والعمل الصالح يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

أكثر من صوم النوافل فإنه العلاج الناجع للحد من الشهوة وابتعد عن كل ما يثير شهوتك وغض بصرك يقول تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) ويقول عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).

ما تعانيه من سرعة القذف ناتج إدمانك للعادة السرية وهذا أثر من آثار هذه العادة القبيحة المحرمة فعليك أن تتعرف أكثر على آثارها لعل ذلك يكون سببا في تركك لها.

ما تعانيه من خوق وقلق وإجهاد وخفقان القلب ناتج عن العادة السرية ولا شك وناتج كذلك عن التضارب الحاصل في نفسك كونك تمارس هذه العادة القبيحة وأنت تعرف أن ذلك خطأ وهذا ما يحدث عندك تصادما وقلقا وتأنيبا للضمير كون نفسك المطمئنة لا تريد ما تسول لك النفس الأمارة بالسوء.

استثمر حياتك بطريقة إيجابية وابتعد عن الأفكار السلبية ولا تعط نفسك الرسائل السلبية لأن العقل يتفاعل معها ويعطي رسائله لبقية أعضاء الجسم للتفاعل والتعاطي مع تلك الرسائل.

بإمكانك أن تغير الرسائل السلبية برسائل أخرى إيجابية وستجد أن آثار الرسائل السلبية تتلاشى بإذن الله تعالى ولك أن تمعن النظر في قول النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل الذي دخل يعوده وهو مريض قال له: (طهور إن شاء الله) فهذه رسالة إيجابية فالرجل لم يقبل تلك الرسالة بل أعطى نفسه رسالة سلبية فقال: (بل حمى تفور على رجل كبير تزيره القبور) فقال عليه الصلاة والسلام: (فنعم إذا) قال الراوي فمات بعد أيام أو كما قال.

احذر من وساوس الشيطان وتسويل النفس الأمارة بالسوء من ارتكاب جريمة الزنى فإنه ذنب عظيم قال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا).

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى أن يذهب عنك ما تجد وأن يوفقك للاستقامة والعمل الصالح إنه سميع مجيب.

++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. عقيل المقطري (مستشار العلاقات الأسرية والتربوية)، وتليه إجابة الدكتور محمد عبد العليم (استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان).

من الواضح - أخي - أنه لديك قلق مخاوف وسواسي، وهذا أدخلك في شيء من عُسر المزاج، وأرى أيضًا أن شخصيتك شخصية في أساسها وفطرتها شخصية طيبة وممتازة وتُقدِّر الفضائل، لكن ممارستك لأفعالٍ مثل العادة السريّة، هذا يتصادم كثيرًا مع ذاتك الفطرية، وهذا يُسبِّب لك المزيد من القلق والتوتر والوسوسة وربما الشعور الداخلي بالذنب.

الإنسان - أيها الفاضل الكريم - لا يمكن أن يجمع بين الخير والشر والحلال والحرام في بوتقة واحدة، هذا لا يمكن أبدًا، فحاول حقيقة أن تتوقَّف من العادة السرية، وهي قطعًا ممارسة خاطئة، لا فائدة منها، وتؤدي حقيقة إلى نوع من الإجهاد النفسي ممَّا يفسّر الأعراض التي ذكرتها، أعراض الخوف، الخفقان، الشعور بالإجهاد النفسي والجسدي الشديد، هذا كله من ممارسة العادة السرية، وكما ذكرتُ لك: أصلاً فطرتك لا تقبلها، وأنت تُدخل على فطرتك شيئًا دخيلاً وخطئًا، وتُدركَ ذلك.

فيا أخي الكريم: لا تُعرِّض نفسك أبدًا لهذه التناقضات، خاصة فيما يتعلَّق بمنظومتك القيمية.

الأمر الآخر: أنا أراك محتاجا لأحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف والوسوسة. عقار (فافرين) والذي يُسمَّى علميًا (فلوفكسمين) سيكون جيدًا جدًّا بالنسبة لك، وقطعًا عند الزواج سيساعدك في موضوع سرعة القذف أيضًا، دواء بسيط، ودواء سليم.

الجرعة في حالتك هي: تبدأ بخمسين مليجرامًا ليلاً بعد الأكل، تتناولها لمدة أسبوع، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم ارفع الجرعة واجعلها مائتي مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم خفضها إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرين آخرين، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناوله، وتوجد أدوية أخرى كثيرة، لكن قطعًا الفافرين هو الدواء الذي يناسبك.

نصيحتي الأخرى لك هي أن تكون دائمًا إيجابي التفكير، وأن تكون حسن التوقعات، وأن تُحسن إدارة وقتك، وأن تتواصل اجتماعيًّا، ولا تترك مجالاً للفراغ، لأن الفراغ يعطي الوسوسة ومجالاً كبيرًا جدًّا لتهيمن وتسيطر على الإنسان، الحياة طيبة، والحياة جميلة جدًّا، والإنسان الذي يستثمرها بصورة صحيحة يشعر بالارتياح.

حاول أيضًا أن تكون مرتبطًا بأسرتك، وأريدك أن تعرف أن برَّ الوالدين له قيمة علاجية كبيرة جدًّا لتطوير الصحة النفسية للإنسان، وكذلك ممارسة الرياضة والتمارين الاسترخائية.

أيها الفاضل الكريم: خوفك من المعاصي هذا أمرٌ إيجابي جدًّا، لا تحسبه شرًا لك، هو خير لك إن شاء الله.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاستفادة حول أضرار هذه العادة السيئة: (2404 - 38582428424312 - 260343)، وكيفية التخلص منها: (227041 - 1371 - 24284 - 55119)، والحكم الشرعي للعادة السرية: (469- 261023 - 24312)، وكيف تزول آثارها: (24284 - 17390 - 287073 - 2111766 - 2116468).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً