الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وهل حج التطوع أفضل من صدقة التطوع ؟ سأل حرب لأحمد أيحج نفلا أم يصل قرابته ؟ قال : إن كانوا محتاجين يصلهم أحب إلي ، قيل : فإن لم يكونوا قرابة ؟ قال : الحج . وذكر أبو بكر بعد هذه الرواية رواية أخرى عن أحمد أنه سئل عن هذه المسألة فقال : من الناس من يقول لا أعدل بالمشاهد شيئا . وترجم أبو بكر : فضل صلة القرابة بعد فرض الحج . ونقل ابن هانئ في هذه المسألة : وإن قرابته فقراء ؟ فقال أحمد : يضعها في أكباد جائعة أحب إلي . فظاهره العموم ، وذكر شيخنا أن الحج أفضل ، وأنه مذهب أحمد ، فظهر من هذا هل الحج أفضل ؟ [ ص: 655 ] أم الصدقة مع الحاجة ؟ أم مع الحاجة على القريب ؟ أم على القريب مطلقا ؟ فيه روايات أربع وفي المستوعب : وصيته بالصدقة أفضل من وصيته بحج التطوع فيؤخذ منه أن الصدقة أفضل بلا حاجة ( م 1 ) وليس المراد الضرورة ; لأن الفرض أنها تطوع ، وفي الزهد للإمام أحمد [ ص: 656 ] عن الحسن قال ، يقول أحدهم : أحج أحج ، قد حججت ، صل رحما ، تصدق على مغموم ، أحسن إلى جار . وفي كتاب الصفوة لابن الجوزي أن الصدقة أفضل من الحج ومن الجهاد ، وعلل بأنها سر لا يطلع عليها إلا الله تعالى ، والله أعلم ، وسبق أول صلاة التطوع أن الحج أفضل من العتق ، فحيث قدمت الصدقة على الحج فعلى العتق أولى ، وحيث قدم العتق على الصدقة فالحج أولى ، وروى ابن أبي شيبة وغيره عن التابعين قولين : هل الحج أفضل من الصدقة ؟ وروى أيضا : حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي مسكين قال : كانوا يرون أنه إذا حج مرارا أن الصدقة أفضل .

                                                                                                          [ ص: 655 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 655 ] باب صدقة التطوع

                                                                                                          ( مسألة 1 ) قوله : وهل حج التطوع أفضل من الصدقة مطلقا ؟ أم الصدقة مع الحاجة ؟ أم مع الحاجة على القريب ؟ أم على القريب مطلقا ؟ روايات أربع .

                                                                                                          وفي المستوعب : وصيته بالصدقة أفضل من وصيته بحج التطوع ، فيؤخذ منه أن الصدقة أفضل بلا حاجة ، انتهى ، قال الشيخ تقي الدين : الحج أفضل من الصدقة ، وإنه مذهب أحمد .

                                                                                                          وقال ابن الجوزي في كتاب الصفوة : الصدقة أفضل من الحج ومن الجهاد ، انتهى ( قلت ) الصواب : أن الصدقة زمن المجاعة على المحاويج أفضل ، لا سيما الجار خصوصا صاحب العائلة ، وأخص من ذلك القرابة ، فهذا فيما يظهر لا يعد له الحج التطوع ، بل النفس تقطع بهذا ، وهذا نفع عام ، وهو متعد ، وهو قاصر ، وهو ظاهر كلام المجد في شرحه وغيره .

                                                                                                          وأما الصدقة مطلقا أو على القريب غير المحتاج فالحج التطوع أفضل منه ، والله أعلم ، وقد حكى المصنف في باب صلاة التطوع قولا إن الحج أفضل تطوعات البدن ، وذكر أدلة ذلك ، ثم قال : فظهر من هذا أن نفل الحج أفضل من صدقة التطوع ومن العتق ومن الأضحية ، ويأتي ذلك في صدقة التطوع والأضحية ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : ما قال مسلم إذا لم يكن حاجة ، فأما مع الحاجة فلا ، والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية