الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1864 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما ، فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه ، وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة بمكانها " ، متفق عليه .

التالي السابق


1864 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مثل البخيل والمتصدق ) أي : صفتهما ( كمثل رجلين عليهما جنتان ) بضم الجيم وتشديد النون أي : وقايتان ( من حديد ) ويروى بالباء الموحدة ، وكذا في شرح السنة روي بها ، وقيل : الصحيح هاهنا النون بلا خلاف لأن الدرع لا يسمى الجبة بالباء ، كذا قاله الطيبي ، ويرده قول بعض المحققين أنه بالنون تصحيف ، وقال بعضهم : الجنة بالضم ما استترت به من سلاح ، والمراد هنا درعان شبه بهما صفتا البخل والتصدق اللتان جبل الإنسان عليهما كما يشير إليه قوله - تعالى - ومن يوق شح نفسه وروي جبتان بالباء وهو تصحيف ؛ إذ لم يعهد جبة حديد ، ولما في بعض الروايات : " عليهما درعان " ولقوله " كل حلقة بمكانها " ، اللهم إلا أن يراد بالجنتان الواقيتان اللتان يشملان الدرعين ( قد اضطرت أيديهما ) بضم الطاء أي : شدت وعصرت وضمت وألصقت ، وفي نسخة بفتح الطاء ونصب أيديهما على أن ضمير الفعل إلى جنس الجنة المفهوم من التثنية ( إلى ثديهما ) بضم الثاء وسكون الدال جمع الثدي بفتح الثاء ويكسر وتشديد الياء ، والثدي خاص بالمرأة أو عام ؛ كذا في القاموس ، ويعني بهما جنبي الصدر ( وتراقيهما ) بفتح التاء جمع الترقوة وهو أسفل الكتف وفوق الصدر ( فجعل المتصدق ) أي : طفق وشرع وأراد ( كلما تصدق بصدقة ) أي : هم يتصدق ( انبسطت ) أي : توسعت جنته ( عنه ) أي : عن المتصدق ( وجعل البخيل كلما هم بصدقة ) أي : قصد إليها وعزم إليها ( قلصت ) بفتح اللام أي : انضمت والتصقت جنته عليه ( وأخذت كل حلقة ) بسكون اللام وفتحها ( بمكانها ) اشتدت والتصقت الحلق بعضها ببعض والياء زائدة أي : ضاقت غاية التضييق ، والمعنى أن الجواد إذا هم بالصدقة اتسع لذلك صدره وطاوعته يداه فامتدتا بالعطاء ، والبخيل يضيق صدره وتنقبض يداه عن الإنفاق ، فجعل بمعنى طفق ، وكلما تصدق يدل على خبره أي : طفق السخي يتسع صدره ؛ كذا حققه الطيبي ، وخلاصته أن السخي إذا هم بخير سهل عليه ، والبخيل عكسه ( متفق عليه ) .

[ ص: 1321 ]



الخدمات العلمية