الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1367 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر " ) . رواه أحمد ، والترمذي وقال : هذا حديث غريب وليس إسناده بمتصل .

التالي السابق


1367 - ( وعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم " ) : زيادة ( من ) لإفادة العموم فيشمل الفاسق إلا أن يقال : إن التنوين للتعظيم ( " يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة " ) : الظاهر أن " أو " للتنويع لا للشك ( " إلا وقاه الله " ) ، أي : حفظه ( " فتنة القبر " ) ، أي : عذابه وسؤاله ، وهو يحتمل الإطلاق والتقييد ، والأول هو الأولى بالنسبة إلى فضل المولى ، وهذا يدل على أن شرف الزمان له تأثير عظيم ، كما أن فضل المكان له أثر جسيم . ( رواه أحمد ، والترمذي ، وقال : هذا حديث غريب وليس إسناده بمتصل ) .

قلت : ذكره السيوطي في باب من لا يسأل في القبر ، وقال : أخرجه أحمد والترمذي ، وحسنه ، وابن أبي الدنيا ، عن ابن عمرو ، ثم قال : وأخرجه ابن وهب في جامعه ، والبيهقي أيضا من طريق آخر عنه بلفظه : " إلا برئ من فتنة القبر " ، وأخرجه البيهقي أيضا من طريق ثالثة عنه موقوفا بلفظ : " وقي الفتان " ، قال القرطبي : هذه الأحاديث ، أي التي تدل على نفي سؤال القبر لا تعارض أحاديث السؤال السابقة ، أي : لا تعارضها بل تخصها وتبين من لا يسأل في قبره ولا يفتن فيه ممن يجري عليه السؤال ويقاسي تلك الأهوال ، وهذا كله ليس فيه مدخل للقياس ولا مجال للنظر فيه ، وإنما فيه التسليم والانقياد لقول الصادق المصدوق ، قال الحكيم الترمذي : ومن مات يوم الجمعة فقد انكشف له الغطاء عما له عند الله ; لأن يوم الجمعة لا تسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها ولا يعمل سلطان النار فيه ما يعمل في سائر الأيام ، فإذا قبض الله عبدا من عبيده ، فوافق قبضه يوم الجمعة كان ذلك دليلا لسعادته وحسن مآبه ، وأنه لا يقبض في هذا اليوم إلا من كتب له السعادة عنده ، فلذلك يقيه فتنة القبر ; لأن سببها إنما هو تمييز المنافق من المؤمن .

قلت : ومن تتمة ذلك أن من مات يوم الجمعة له أجر شهيد ، فكان على قاعدة الشهداء في عدم السؤال ، كما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة أجير من عذاب القبر ، وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء " . وأخرج حميد في ترغيبه عن إياس بن بكير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " من مات يوم الجمعة كتب له أجر شهيد ، ووقي فتنة القبر " . وأخرج من طريق ابن جرير عن عطاء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم أو مسلمة يموت في يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقي عذاب القبر وفتنة القبر ، ولقي الله ولا حساب عليه ، وجاء يوم القيامة ومعه شهود يشهدون له أو طابع " وهذا الحديث لطيف صرح فيه بنفي الفتنة والعذاب معا . اهـ كلام السيوطي رحمه الله .




الخدمات العلمية