الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

استمر الزواج 35 سنة، ولدينا 7 أبناء، وبنات أصغرهم بنت عمرها 16 سنة و7 أشهر. حصلت مشاكل بيننا، واستفحلت لدرجة أننا أصبحنا لانكلم بعضا في المنزل، بل وأي اتصال ينتهي بمشكلة. جمعت أبناءنا، واقترحت عليها أن نبتعد عن بعض، وتقيم مع أحد أبنائنا لفترة، حتى يقل الشحن، ونراجع أنفسنا، ولكنها رفضت، وفضلت الطلاق.
في حالة الطلاق، ماهي التزاماتي؟ وما هي حقوقها التي ألتزم بها؟ علما أنني قد سلمتها نصف المهر المؤجل بطلب منها، وابنتي تفضل العيش معي.
أرجو الإفادة، ولكم الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الزوجين مأموران شرعا بأن يحسن كل منهما عشرة الآخر، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة: 228}، وعليهما أن يحرصا على ما يؤدي إلى استقرار الحياة الزوجية، ومن ذلك أن يؤدي كل منهما للآخر حقه عليه، ولمعرفة الحقوق بين الزوجين يمكن مطالعة الفتوى: 27662. ويتأكد حسن العشرة، والحرص على الاستقرار في حق من طالت بينهما الحياة الزوجية، وعاشا معا كل هذه المدة، قال تعالى: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237}، وكذلك ما رزقا من الأولاد، وقد بلغ الذكور مبلغ الرجال، وبلغ الإناث مبلغ النساء.

وحدوث المشاكل في الحياة الزوجية أمر عادي، فقلما تخلو من ذلك أسرة، ولكن ينبغي للزوجين أن يتحريا الحكمة، ويسعيا في سبيل الحل، ويغلقا الباب على الشيطان، حتى لا يزرع الفتنة، ويوسع الشقة، وهذا من شأنه، ثبت في صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجىء أحدهم، فيقول: فعلت كذا، وكذا فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثم يجىء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه، وبين امرأته، قال فيدنيه منه، ويقول نعم أنت.

والمقصود بذل الجهد في سبيل الإصلاح قدر الإمكان، وتوسيط العقلاء، وخاصة من أهل كل من الزوجين، كما قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء: 35}، هذا مع كثرة الدعاء، وسؤال الله -عز وجل- التوفيق.

وههنا أمر آخر جدير بالتنبيه عليه، وهو أنه إذا لم يظهر أن هنالك أسبابا عادية أدت لهذه المشاكل، فقد تكون هنالك أمور غير عادية من العين، والسحر، ونحوهما، وعلاج ذلك يكون بالرقية الشرعية، ويمكن الاستفادة مما جاء في الفتويين: 4310، 5252.

وفي نهاية المطاف إن تيسر الإصلاح، فالحمد لله، وإن تعسر ذلك، وحدث الطلاق، فالمطلقة لها حقوقها فيما لم تقبضه من مؤجل الصداق، والنفقة في العدة، ونحو ذلك.

وللمزيد انظر الفتوى: 8845 والفتوى: 30160

وننبه إلى أن المرأة المطلقة إن كانت ناشزا، فلا نفقة لها في العدة، إلا أن تكون حاملا، كما بينا في الفتوى 292666. ولمعرفة حقيقة النشوز يمكن مراجعة الفتوى: 161663.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني