قررت الابتعاد عن أخي لجفائه في معاملتي، فهل قراري صائب؟

2024-04-25 03:24:33 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تأكدت مع مرور الوقت أن أخي الأكبر مني سناً لا يحبني؛ رغم أني أكن له كل التقدير والاحترام، فكم من مرة يجرح مشاعري وأعفو عن ذلك!

أمثلة بسيطة: أجريت عملية جراحية ولم يتصل بي، أنزلني ذات يوم من سيارته قائلاً أنني سبب تعطل السيارة، تعرضت ابنتي لوعكة صحية حادة، ورقدت في المستشفى لأيام ولم يتصل بي! لا يبادلني أطراف الحديث كأي أخ أبداً! وغيرها من المواقف الكثيرة!

لقد طفح الكيل، وقلت لن أذل نفسي، والدموع لا تنفك عن النزول من عيني بسبب تصرفاته معي؛ فحتى أولاده وزوجته لا يحبونني، فقررت الابتعاد والاكتفاء بالواجب فقط، فهل عليً وزر؟ فقد فاض الكأس!


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميمونة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُصلح لكم الحال، وأن يهدي شقيقك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يكتب لك التوفيق في حياتك، وبعد:

قد فهمنا -أختنا- حديثك جدياً، وتفهمنا كذلك دوافعك للحديث بهذه الطريقة، ونريد أن نؤكد معك على عدة حقائق:
إن الدنيا جبلت على كدر؛ تلك طبيعتها.
جُبلت على كدر وأنت تريدها صفوًا من الآلام والأكدار
ومكلِّف الأيام فوق طباعها متطلبٌ في الماء جذوةِ نارٍ.

وهذا يقتضى الصبر وحسن التعامل، مع التغافل المستمر، والاجتهاد في إرضاء الله تبارك وتعالى.

أختنا الفاضلة: قد ذكرت الجفوة الحاصلة بينك وبين أخيك، ولا ندري هل هناك ما يستدعى ذلك، بمعنى هل هناك مشاكل بينكما استدعت تلك الجفوة، أم هذه طبيعة فيه؟

فإن كانت ثمة مشاكل فاجتهدي أن تزيليها على قدر جهدك واستطاعتك، وإن كانت تلك طبيعته، فاجتهدي أن تتغافلي عن تلك الهنات، وأن تبقي الود على الحد المتاح، وإنما نقول لك ذلك لأن فضل صلة الرحم عظيمة، وتلك بعضها:
1- صلة الرحم -أختنا الكريمة- من الإيمان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (.....ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه...) رواه البخاري.

2- صلة الرحم سبب للبركة في الرزق والعمر: فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه) رواه البخاري.

3- صلة الرحم سبب لصلة الله تعالى وإكرامه: فعن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال :( الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله). رواه مسلم.

4- صلة الرحم من أسباب دخول الجنة: فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال :( يأيها الناس أفشوا السلام أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.

وقد تقولين: إن هذا واجب عليه هو، أو أنك فعلت ولم تقابلي بالحسن، ونحن نقول لك صلة الرحم واجبة على الجميع، ولو تنازل البعض عن كل هذا الأجر، فيجب عليك ألا تسيري في ركابهم، وأن تلتمسي الأجر من الله تعالى، ثم إن الصلة الحقيقية هي أن تصلي من قطعك: فعن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ( ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ). رواه البخاري.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسـول الله إن لي قرابة أصلهـم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إليّ ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ، فقال صلى الله عليه وسلم: إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفهّم المَلّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ]. رواه مسلم.
والمَلّ: الرماد الحار، قال النووي: يعني كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم.

وعليه -أختنا الكريمة- اجتهدي في التغافل عن ما صدر من أخيك، وأحسني إليه على قدر طاقتك، وكلما أحسست بشيء من الإهانة فتذكري أنك تفعلين ذلك لله لا له، وأنك تلتمسين الأجر من الله تعالى.

وتذكري قول الله تعالى: ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، فكل خير تبذلينه سيرضي الله عنك، وسيبقى رصيداً لك لعل الله يهديهم يوماً ما.

نسأل الله أن يهدي أخاك وأن يصلحه، وأن يبارك في عمرك، والله الموفق.

www.islamweb.net