وسائل ومفاهيم ينبغي غرسها في الطفل ولو كان صغيراً

2011-02-15 12:56:58 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
بدايةً: نشكر لكم هذا التواصل المعطاء غير المنقطع، وهذا الصرح الشامخ، مع دعواتنا بالتوفيق الدائم لكم.

قد يكون سؤالي كبيراً وليس مجرد سؤال، ويحتاج لإجابة محددة، بل يحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك من قراءات واطلاعات كثيرة، لكني ألتمس فيكم الخبرة والعطاء لتمنحونا من علمكم وخبرتكم -حفظكم الباري سبحانه-.

عندي ابنة واحدة، عمرها الآن 3 سنوات ونصف - حفظها الله تعالى وحفظ أبناءكم - وسؤالي هو عنها: كيف أربيها تربية صحيحة؟ وكيف أجعلها ذات شخصية مميزة، تعتمد على نفسها، وتثق في شخصيتها، وتحب الدراسة، وتكون اجتماعية؟ أعرف أن بعض الأشياء تكون ذاتية -مكتسبة أو غير مكتسبة- لكن كيف أدعم غير المكتسب أو النقص؟

سؤالي هذا هو لأجل ابنتي ولإخوانها وأخواتها في المستقبل بمشيئته تعالى، وجزاكم الله خيراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا نشكر لك هذا الثناء على موقعك، ونبشرك بأننا نتشرف بخدمتك، ونتقرب إلى الله بمشاركة إخواننا همومهم، ونسأل الله أن يصلح حالنا وحالهم، ولا نملك إلا أن نقول لك أمام هذا الطلب الجميل العظيم إلا كما قال الأستاذ مالك بن بني لمن سأله نفس السؤال: (لقد تأخرت كثيراً) وقد أحسنت بقولك: حتى أستفيد في تربية إخوانها الذين هم في الطريق بفضل ربنا الكريم، ورغم أن السائل للأستاذ/ مالك بن بني جاءه بعد شهر فقط من ولادة الطفلة إلا أن الهدف كان هو بيان عظمة هذا الدين الذي يهتم بالأطفال قبل أن يولدوا، وقبل أن يوجدوا، كما قال أبو الأسود الدؤلي لأبنائه: لقد أحسنت إليكم كباراً، وأحسنت إليكم صغاراً، وأحسنت إليكم قبل أن تولدوا، فقالوا له: أما إحسانك لنا كباراً فقد عرفناه، وأما إحسانك لنا صغاراً فما أنكرناه، فكيف إحسانك لنا قبل أن نولد ونوجد؟ فقال لهم :( لأنني تخيرت لكم أماً لا تعيرون بها) بل إن التربية عندنا تبدأ بالشاب الذي ينشأ في عبادة الله، وبالفتاة التي تقوم على طاعة الله، وتترعرع في رحاب أسرةٍ طاهرة يسجد أفرادها لله.

ولمصلحة الطفل توجهت الشريعة للرجل، فحرضته على اختيار صاحبة الدين، وتوجهت إلى أولياء الفتاة، وطلبت منهم النظر إلى دين الخاطب وأخلاقه، ثم وضعت الشريعة الدستور الذي تسير عليه الأسرة (مودة ورحمة) وذكرت الرجل والمرأة بذكر الله عند اللقاء، فقال صلى الله عليه وسلم: (لو أن أحدكم أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً) ولمصلحة الطفل وضعت الشريعة بعض التكاليف الشاقة عن الحامل، فأباحت لها الفطر في رمضان، وفي ذلك دعوة للرجل من أجل الشفقة على زوجته، فإذا خرج الطفل إلى الدنيا سارعنا فأسمعناه كلمة التوحيد لتحرك فطرته، ونملكه سلاحه، ونبعد عنه عدوه الشيطان، وقد ثبت أن لكلمات الأذان آثار كبيرة حتى على غير المسلم، و(كل مولود يولد على الفطرة)، وقد وجدت قصصاً كثيرة حصل فيها أذان على أطفال غير المسلمين، فانتهى أمرهم إلى الدخول في الإسلام.

تأتي بعد ذلك مسألة الرضاعة، وهي من الأهمية بمكان، والطفل كما قال الإمام أحمد: (لا يرضع لبناً فقط، وإنما يرضع خلقاً وأدباً وديناً) والطفل يحتاج إلى إشباع عاطفي، فينتفع من التصاقه بجسد والديه، ويستفيد جداً من حنوهم عليه، وقد مدح رسولنا صلى الله عليه وسلم نساء قريش بقوله: (أحناه على ولد في صغر وأرعاه لزوج في ذات يد).

وفي هذه المرحلة ننصح بالاهتمام بمسألة القدوة؛ لأن الطفل يسمع ويرى، بل إن قواه العاقلة تتكون مما يسمع ويرى، ولذلك كان ابن عمر رضي الله عنه لا يُعاشر أهله في حجرة فيها طفل رضيع، وقد ثبت أن الطفل يتضرر من التهاون في مثل هذه الأمور.

وإذا وجد الطفل الرعاية والاهتمام، وتفهمت الأسرة حاجته للأمن والحرية والقبول، وأتيحت له فرص اللعب والحركة، واهتمت الأسرة بغذائه ولباسه، ووجد العدل في المنزل، فإن نموه الجسدي والنفسي يكون ممتازاً، وعلينا بعد ذلك أن نهتم بتعزيز الصفات الطيبة، والاجتهاد في تعديل ما يحتاج لذلك، مع ضرورة تفهم المراحل العمرية، فالعناد مثلاً وجوده بين العام الثاني والسادس، كما أن السنة الخامسة يحصل فيها تمحور حول الذات، ورغبة في أخذ كل شيء، ومن واجبنا عدم الانزعاج، والحرص على تفهم كل مرحلة وخصائصها.

وإذا كان طفلك في سن الثالثة، فإننا نتوقع أن يكون كثير الحركة، ميالاً إلى اللعب، فيه شيء من العناد..إلى غير ذلك من الأمور التي تحصل في مثل هذا السن.

وأرجو أن تحرصوا على غرس العقيدة بكلماتٍ واضحة، والثناء على الوهاب سبحانه؛ حتى ينشأ على حق الله، وسوف ينتفع جداً من صلاتكم للنوافل في المنزل، كما أن في ذلك تدريب له على الصلاة والهدوء فيها، وننصحكم بأن ترددوا السور القصيرة والأذكار إلى جواره، ومساعدته على حفظ ما تيسر من ذلك.

ولا مانع من تهيئته لاستقبال مولودٍ جديد، وتعويده على آداب الأكل واللباس، والاستئذان، ومشاركته في اللعب كما قال عمر (لاعب ابنك سبعاً، وأدبه سبعاً واصحبه سبعاً ... )

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يصالح لنا ولكم النية والذرية، وسوف نكون سعداء بتواصلك لإكمال المشوار.

وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net