الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعلقي بوالدتي أصابني بالخوف الشديد من فقدانها، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا شابة أبلغ من العمر 21 سنةً، أعاني من قلق كبير، وخوف من موت والدتي، وهذه الفكرة لم تأتني إلا منذ سنة، وأظن أن هذا راجع إلى أنني متعلقة بها جداً، وأيضاً أنا شخصية حساسة جداً!

فعندما تمرض لا أستطيع النوم، وأخاف عليها، وكذلك عندما تريد السفر أخاف أن يحصل لها مكروه، لكن في الأيام العادية تخف حدة هذه المخاوف، ولا أعلم ماذا يجب عليّ أن أفعل في هذه الحالة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sfaaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يُطيل في عمرك وعمر والدتك في طاعته.

أولًا: الحمد لله أنك مهتمّة بالوالدة وبِرّها والخوف عليها، وهذا إن دلَّ إنما يدلُّ على العلاقة القوية بينكما.

ثانيًا: الإنسان دئمًا يخشى ويخاف من فقد ما هو عزيزٌ عنده، إذا كان شخصًا أو كنزًا من المقتنيات الأخرى، وهذا شيءٌ طبيعيٌ، وشعورٌ متوقعٌ، إذا لم تكن فيه مبالغة أو تعدّى حدود المعقول.
وفي هذه الحالة يكون الخوف مرضياً، وناتجاً عن أن الجانب العاطفي قد طغى على الجانب العقلي، فلا بد من الموازنة بين الجانبين، لكي يصل الشخص إلى حالة الاتزان العاطفي، وهي تُعتبر من مؤشرات الصحة النفسية الهامّة.

فالموت -أيتها الابنة الفاضلة- أمرٌ حتميٌ، ولا بد منه، ولا يمكن أن يُؤخّر الله تعالى نفسًا إذا جاء أجلها؛ فالخوف منه مطلوب لكي يُعدّ المسلم نفسه لحياة ما بعد الموت؛ فهي الحياة السرمدية، التي يتمنّى فيها المسلم العيش في النعيم الدائم، مع كل مَن يُحبّهم من أهله وعشيرته -وأولهم الوالدان-، وعلى الأبناء السعي بكل ما يملكون في سبيل دخول والديهم الجنّة، وليس هناك أعظم من ذلك، فالمطلوب منك هو الإجابة عن هذا السؤال: كيف أكونُ سببًا في دخول والدتي الجنة؟ وليس التفكير في موتها والخوف من فقدها، فلا يعلم المرء أنه سيُغادر هذه الدنيا قبل والديه أم بعدهما.

فإذا مرضت الوالدة ما عليك إلَّا أن تدعي لها بالشفاء، وتسعي لعلاجها، وإذا سافرت ما عليك إلَّا أن تستودعيها الله تعالى، فهذا هو الواجب الذين ينبغي الانشغال به.

وختامًا نقول لك: حاولي بقدر ما تستطيعين عدم مجاراة الفكرة والانشغال بها؛ فإن ذلك لا يُقدّم ولا يُؤخّر أجل الوالدة، فما عليك إلَّا النظر إلى الحاضر والاستمتاع به، أي بوجود الوالدة، ومؤانستها ورفقتها وخدمتها؛ فهذا هو المطلوب منك الآن، واتركِي المستقبل وأحداثه للخالق -جل وعلا- لكي تعيشي آمنة مطمئنة مستقرّة نفسيًّا، وتمارسي حياتك بصورة طبيعية، وأكثري من الدعاء للوالدة، فإن ذلك يُعدُّ خيرًا كثيرًا لك ولها -بإذن الله-.

بارك الله فيك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً