الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحقيق رغبات الإنسان مع استمراره في المعصية على ما يدل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحتاج تفسيرًا لما أمر به، أنا إنسانة صلاتي ليست مكتملة، وأحاول بإذن الله الالتزام فيها، ولكني لاحظت منذ فترة أنه كلما أردت وكلما أتمناه يتحقق بدون أي مجهود مني، وهذا الشيء يرعبني؛ لأني في صلاتي لا أطلب من الله سوى التوفيق في دراستي.

لكن سؤالي هو: هل يمكن للشيطان أن يسمع أمانينا ويعمل على تحقيقها في سبيل الابتعاد عن الصلاة ومن أجل الفتنة بذلك؟ لأني كما ذكرت إنسانة لست ملتزمة في صلاتي، ولكن كل ما أرغب فيه في الدنيا يقدم لي، ويتحقق، فهل هذا رزق من الله، أم عمل من أعمال الشيطان؟ وهل يمكن أن يحقق لي ما أريده من أجل الوقوع في المعصية وعدم الرجوع إلى الله؟ وهل معاهدة النفس على قطع المعاصي مفيد للالتزام في الصلاة؟ وهل النعم التي تأتي بدون صلاة ولا دعوة من الله ابتلاء، أم اختبار من الله عز وجل، أم نعم من الله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن الله يبتلي عباده بصنوف الابتلاءات، من أهم مقاصد البلاء تحريك المؤمن الى طاعة ربه والاستقامة على أمره، يقول تعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون)، ومن الآية يتبين أن الخير والشر أيضًا فيه بلاء وفتنة وامتحان.

أما الخير الذي يصيب الإنسان على معصيته وتقصيره، فهذا يسمى استدراج -والعياذ بالله تعالى-، والاستدراج من أقسى العقوبات التي تجعل الإنسان ينسى الاستقامة ويزهد في طاعة الله تعالى، ولا يفكر في علاقته بالله تعالى، يقول تعالى: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب).

أختي الفاضلة، روى الإمام أحمد في مسنده عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج، ثم تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ).

وهذا الأمر يسترعي من الإنسان صاحب القلب اليقظ الخوف من الله، والإسراع في التوبة النصوح، وحقيقة التوبة معاهدة مع الله بتحقيق شروط التوبة الثلاثة، وهي الإقلاع عن فعل الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم الرجوع إليه، ولا بد من ملازمة الاجتهاد في الطاعات والتضرع إلى الله بالدعاء والاستغفار، فمتاع الدنيا قليل وشهواتها زائلة، وسخط الله إذا نزل بالإنسان أفسد عليه كل شيء.

الشيطان ليس بيده الأرزاق وتحقيق الأماني المحمودة، وإنما يملك الوسوسة والتقنيط لصرف الناس عن ربهم، وتزهيدهم في طاعة الله سبحانه؛ وطلب الأماني المذمومة والحث عليها، وكيده ضعيف والله أمر أن نتخذه عدواً فقال سبحانه: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً) وكونك غير ملتزمة بالصلاة؛ فهذا ما يريده الشيطان منك، لكننا نحمد فيك هذا الفكر وهذه العقلية، وهو شعورك بأن هناك خطأ ما واقعة فيه؛ مما يدفعك إلى مراجعة صلتك بربك الذي رزقك ودبر أمرك.

أخيرًا -أختي الفاضلة-: سعادة الإنسان في هذه الحياة ليست بمجرد قضاء حوائجه، أو تمتعه بأصناف الشهوات، فهناك جانب روحي في القلب يحتاجه الإنسان ليذوق طعم السعادة الحقيقية، فكم من غني ملك الدنيا وعنده كل ما يريد منها، لكنه فاقد للسعادة القلبية والطمأنينة النفسية؛ لأنه فقد غذاء الروح بحسن الصلة بالله سبحانه، يقول تعالى: (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)، فبادري -أختي- إلى التوبة والاستقامة ليجمع الله لك خير وسعادة الدنيا والآخرة.

نسأل الله لك الهداية والسداد على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً