الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بحزن وأنه ليس لي حظ في شيء!!

السؤال

السلام عليكم.

دائمًا ما أشعر بحزن واكتئاب، وكنت في فترة شبه طويلة أو متوسطة قد أصبت بوسواس على ما أظن؛ لأني كنت أسمع صوتًا برأسي يخاطبني، ويطلب مني أن أفعل أشياء ليست جيدة، فقد حدث أني حاولت إيذاء نفسي 3 مرات منذ سنين، ومن شدة حزني كانت تصيبني تشنجات وإغماء، وقد تجاوزت هذا الأمر، وأشعر أنه ليس لدي حظ في شيء، وليس لدي هدف أو حلم، وليس حولي ناس، وليس لي أم، ودائمًا ما أتمنى الموت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hanon حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب.

الإنسان تمرُّ به أوقات ولحظات من التوتر، ومن الحزن، ومن الشعور بالكرب، لا شك في ذلك، وفي فترة اليفاعة –على وجه الخصوص– فالتأثيرات النفسية السلبية معروفة، لكنها -والحمد لله- عارضة، ولا تستمر كثيرًا أو طويلاً أبدًا.

أنتِ حقيقةً لديك توجُّه فكري يتميّز بالتشاؤم، وهذا هو جوهر مشكلتك، وما أسميته بالحزن والاكتئاب ناتج من الفكر السلبي القائم على التشاؤم، والمؤمن لا يتشاءم، ولا يتطير، ومن كلام النبي ﷺ: (‌وَأُحِبُّ ‌الْفَأْلَ الصَّالِحَ) أخرجه مسلم، فممَّا ينبغي حقيقةً أن تكوني متفائلةً، وأن تضعي لحياتك أهدافًا، وأن تحرصي على كل خير، وأن تستعيني بالله ولا تعجزي، وأن تضعي الآليات والاستراتيجيات التي توصلك لهذه الأهداف.

أنت في بدايات سِنِّ الطاقات النفسية والجسدية الكبرى، والله تعالى حباك بهذه المقدرات وهذه الطاقات لتستفيدي منها، ولتسعدي نفسك، وتسعدي من حولك، فالتفكير التشاؤمي هو الذي يجلب الأحزان، ويجلب الكآبة، ويجلب السوداوية، ويحرمك من جمال الحياة الطيبة التي يريدها الله لك، فلا تركني إلى التشاؤم، بل الأفضل منه التفاؤل، وهو الأطيب.

يجب أن تعيدي دراسة حياتك، وأنا متأكد بأنك سوف تجدين بأن هنالك أشياء إيجابية كثيرة في حياتك؛ لأن الإنسان حين يُفكِّرُ سلبيًّا وبسوداوية ستختفي منه الإشراقات التي حدثت في حياته، لذا التدبُّر، والتمعُّن، والتفكُّر بإيجابية، والتفاؤل، وأن يعيش الإنسان على الأمل والرجاء؛ هي متطلبات ضرورية.

وما حدث لك من تشنُّجات وخلافه؛ هذا أمرٌ قد انتهى، فلا تعيشي في ضعف الماضي، بل يجب أن تعيشي في قوة الحاضر، وحاضرنا يمكن أن نُغيّره؛ لأننا نملكه ونتحكم فيه، وحاضرنا نستطيع أن نبنيه بالكيفية والطريقة التي نُريدها، ونستطيع رسمه، والتخطيط لمستقبلنا، ولكن الماضي لا نستطيعه، ولا ندركه إلَّا بالاستفادة منه، والتعلُّم منه لحاضرنا.

فأرجو أن تُخططي لحياتك، وأن تُحسني إدارة وقتك، وأن تكون لك أهداف، وأن تسعي نحو التميُّز والتفوّق الدراسي، وأن تكوني شخصًا فعّالاً ومحبوبًا في أسرتك، انظري إلى الجانب المشرق في الحياة، واحرصي على ما ينفعك، وهذه نصيحتي لك.

إيذاء النفس فيما مضى أمرٌ مؤسف، لكن -إن شاء الله تعالى- لن يتكرر بعد ذلك أبدًا؛ فالحياة طيبة وجميلة، ويجب ألَّا نعبث بأجسادنا وأنفسنا، ونضرّ بها أبدًا، وتمني الموت منهي عنه في الشرع، وهو أمرٌ ليس بالسهل، بل من وجهة نظري هو من أسوأ الأمنيات، والمؤمن لا يتمنى الموت أبدًا، وقد قال ﷺ: (لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوتَ ‌لضُرٍّ ‌أَصَابَهُ)، فالموت آتٍ ولا شك في ذلك، ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا، وأن يُطيل أعمارنا في عمل الصالحات، وأن يُحسن خاتمتنا.

نعم هذه هي الكيفية التي ينبغي أن تفكّري بها، ويجب أن تكون هناك خطوات عملية في تغيير أفكارك هذه، والخطوات العملية يمكن أن تتعلّق بدراستك، بتنظيم وقتك، وأن تكوني شخصًا فعّالاً في أسرتك؛ هذه كلها أشياء تُخرجك من هذا الذي أنت فيه، وطبعًا أنصحك أيضًا بالتواصل مع طبيب نفسي؛ لأن المتابعة المباشرة مفيدة في مثل حالتك هذه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً