الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرهقت نفسي بالثانوية..هل أكمل دراستي الجامعية أم أتوقف؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

لدي استشارة فيما يخص دراستي الجامعية، أنا من العراق، ومتفوق في دراستي والحمد لله، تخرجت من الثانوية بمعدل 95، وكان المعدل الأعلى في مدرستي، إلَّا أنه لم يؤهلني لدخول كلية الصيدلة، التي بلغ معدل القبول بها 97.4، لكن قُبلت في معهد الصيدلة مع الطلاب من معدلات 96 و97 لأنه معهد كان يقبل معدل 60 أو أقل، ولكن بسبب وجود التعيين، ووضع البلد ارتفع إلى هذا الحد، و 10% من طلبة هذا المعهد يسمح لهم بدخول كلية الصيدلة.

لقد اجتهدت جداً لأنافسهم لأنهم متفوقون أيضًا، وفعلًا تفوقت عليهم لأكون من 10% الأوائل في القسم، كنت أدرس طوال اليوم بدون توقف لمدة سنتين، أصبت بعدها بقصر النظر، والصداع التوتري لمدة سنة ونصف، وتدهورت صحتي النفسية بشدة، لكنني محتار الآن بين أن أكمل 5 سنوات أخرى وأجازف بصحتي، وأتنازل عن الوظيفة، وأتنازل عن الشهادة أيضا، هذه من شروط البلد.

الكلية سيتوقف الانتساب لها بسبب وضع البلد، وفي الوقت ذاته لا أريد الندم على ترك هدفي، علمًا أن الوالدين فخوران لأني سأكمل، ولكني أصبت بالإرهاق الشديد في جسدي ونفسي بسبب سنوات الثانوية والمعهد.

أنا متأخر 3 سنوات بسبب دخول داعش للموصل، أقراني الآن في المرحلة الرابعة، أما أنا علي أن أدرس السنوات الخمس من جديد؛ لأن الدولة لا تسمح للأوائل بالانتقال للمرحلة الثانية، كما في باقي الدول، فمتى سأتخرج وأبدأ بجمع المال وتكوين أسرة؟ وفي الوقت ذاته لا أريد الندم على ترك الكلية والبقاء بشهادة المعهد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا تجعل طموحك فقط إنهاء مرحلة البكالوريوس بل تطلع إلى إنهاء الماجستير والدكتوراة، وأن تصبح محاضراً في جامعتك، أو تؤسس لمشروعك الخاص بك، خريجو المعهد في معظم الدول العربية تكون فرصهم قليلة نظراً لوجود فائض من خريجي البكالوريوس، لذا أنصحك بإكمال دراستك الجامعية.

وبالنسبة لوضعك الصحيّ بمشيئة الله سوف يكون وضعك أفضل؛ لأن المرحلة الجامعية أكثر مرونة من مرحلة المعهد، ولأنك لن تُرهق نفسك بالدراسة كما كان عليه الحال في مرحلة المعهد.

لا تعد السنوات، وتقول خسرت كذا وسوف أخسر أيضاً؛ لأن الهدف الذي تصبو إليه يستحق بذل المجهود والتضحية من أجله، وأنت ما زلت صغيراً وعمرك مناسباً للدراسة الجامعية والدراسات العليا.

لا تُقيد نفسك بما يقوله الآخرون، وتتنبأ بما يمكن أن يحدث في المستقبل، فهذا علمه عند الله، أو أن تُحبط بسبب الظروف الحالية في البلد، بل امضِ وحقق حلمك ولا تيأس أو تفتر عزيمتك، والدراسة هي التي سوف تساعدك بمشيئة الله في تحسين وضعك المادي وتكوين أسرة، فنحن نجتهد بالدنيا للوصول إلى حياة هانئة ومريحة، يقول الله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}، وقال سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.

- فكر بطريقة عقلانية، وانظر إلى الأمور نظرة إيجابية، فهناك الملايين من الناس الذين ينجحون في حياتهم، ويتزوجون وينجبون، ويبنون البيوت، وغيرها من وسائل العيش.

نوصيك بصلاة الاستخارة فهي سنة، والدعاء فيها يكون بعد السلام كما جاء بذلك الحديث الشريف، وصفتها: أن يصلي الشخص ركعتين مثل بقية صلاة النافلة، يقرأ في كل ركعةٍ فاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن، ثم يرفع يديه بعد السلام ويدعو بالدعاء الوارد في ذلك، وهو: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ (وَيُسَمِّي ‌حَاجَتَهُ) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ (وَيُسَمِّي ‌حَاجَتَهُ) شَرٌّ لِي، فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي» [رواه البخاري].

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً