الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما تقدمت لفتاة ترفضني بسبب عيوني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا مسلم مبتلى بعينين لا تبصران إلى درجة لكل واحدة من أصل عشر درجات، والحمد لله على ذلك، فوجئت عندما وصلت لمرحلة أريد فيها الزواج أنه كلما أتقدم لطلب فتاة يتم رفضي، لا لديني أو أخلاقي، بل بسبب عيني، والحجة الشرعية أن السليمة ليست لمريض، فهذا -أي أنا- غير كفءٍ لها.

هل حقاً الشرع يميزني على أنني دون غيري بما أنا فيه من علة لم أخترها، ولم أرغب أن أصاب بها، وكل ما أواسي به نفسي أني مسلم، فكيف أجد هذا الأمر في الدين الذي يواسيني ويصبرني ما فيه، وكل البيوت التي أقصدها أهلها ظاهرهم الالتزام، فإن بدر هذا من الملتزم، فكيف بغير الملتزم؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ابننا الحبيب – في استشارات إسلام ويب، نسأل الله أن يكتب لك الأجر الجزيل جزاء هذه المُصيبة التي وقعت عليك، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الشيخان – البخاري ومسلم -: (إنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ)، يُريدُ عينيه، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

من أُصيبَ في عينيه فصبر فأجره عند الله عظيم، فتذكّر هذا يُواسيك -إن شاء الله- ويُخفف عنك هذه المصيبة، وقد قال الشاعر:
إذا أبصر المرءُ المروءة والتُّقى .
فإنّ عَمَى العينين ليس يَضيرُ .
رأيتُ العمَى أجراً وذُخراً وعِصمةً
وإنـي إلى تلـك الثــلاث فقـــير

إذا أُصيب الإنسان في عينيه فإن الله تعالى يعوضُه منحة أُخرى لا يجدُها سليم العين، فهذا الحديث القدسي أوّل هذه المِنح، أن الله تعالى يُعوضُه بدخول الجنّة، ومن هذه المِنح أن الله تعالى يعصمُه في هذه الدُّنيا من كثيرٍ من الذنوب التي يقع فيها مَن يُبصر بعينه، إلى غير ذلك ممَّا ورد في فضل المصائب، فنسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر الجزيل، ويُقدِّر لك الخير.

أمَّا عن الكفاءة في النكاح: فليس بصحيح أن الأعمى ليس كُفئًا للمبصرة، والفقهاء يُصرِّحون بأنه كُفء ما دام يقدر على الإنفاق عليها ونحو ذلك، ولكن من حق المرأة أن تختار الرجل الذي تُعِفُّ به نفسها، كما أن الرجل له الحق في أن يختار المرأة التي تُعِفُّه، فهذا أمرٌ راجعٌ إلى طِباع الناس وإلى مُشتهيات نفوسهم، فليس لأولياء المرأة أن يُجبروها على أن تتزوج برجلٍ أعمى إذا كانت لا ترغب في ذلك عند كثير من العلماء، وإن كان بعض العلماء يرى أن للولي أن يُجبر ابنته البكر على الزواج من الأعمى إذا كان ذلك في مصلحتها؛ لأنها لا تتضرَّر بعماه، هكذا يقول فقهاء الشافعية ومَن وافقهم على ذلك، ولكن ينبغي أن يكون الزواج مبنيًّا على الرضا وقناعة كلٍّ من الزوجين بالآخر.

مراعاة لهذا الجانب نقول: نعم، لأهل المرأة أن يمتنعوا من تزويجها بمن لا ترضاه لسبب فيه، حتى تستمر الحياة باطمئنان وسكينة، أمَّا إذا رضيت البنتُ بذلك فليس للأولياء الامتناع بحجة أنه أعمى، وأن العمى ليس من خصال الكفاءة، هذا ليس بصواب.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويُرضّيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً