الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جدتي لديها آلام في المعدة لا تزول إلا بإبرة المسكن، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سأتكلم عن مشكلة أو موضوع بتفاصيل كثيرة، وأريد منكم سعة الصدر والبال.

جدتي كبيرة في السن، وعندها مرض في المعدة - أو ما يسمى قرحة المعدة - ونفس الأمر ينطبق على بنت من بناتها، ولديها ثمانية أبناء، منهم أربعة من الذكور، وجميع أبنائها متزوجون، ولديهم أبناء، أي أنهم كبار في السن وليسوا صغارًا، ومشكلتها أنها تعاني من هذا المرض، وكثيرًا ما تشعر برجفة وألم وخفقان داخل جسدها، وتذهب إلى أقرب قسم طوارئ في أقرب مستشفى كي يعطوها إبرة المسكن، وسرعان ما يرجع إليها نفس الألم والخفقان في القلب والرجفة الداخلية والانزعاج، وتعود تفعل نفس الفعل السابق، تصل في بعض المرات إلى أربعة أو خمسة أيام في الأسبوع، لدرجة أن أحد أبنائها سئم الأمر، وأصبح يرفض أن يوصلها، فأصبحت تواجه تعنت الأبناء! تقريبًا لا أحد يتابع معها الأمر إلَّا مرات قليلة، أخذوها وعملوا لها عملية المنظار، وأخذوها أكثر من مرة إلى الطبيب الباطني، والأطباء يقولون إنها لا تعاني من الأمراض.

أرجوكم ألَّا تفهموني خطأً، ليس كل الأبناء، فقط واحد منهم قريب منها، أما الباقي فهم نساء لا يعرفون هذه الأمور، وباقي الرجال بعيدون عنها كل البعد، وبالتالي هم أيضًا يعترفون بمرضها، ولكن هم يفعلون ما يستطيعون من تقديم المؤونة ومثل هذه الأمور.

الابن الأول هو الأقرب لها، وهو أيضًا سئم الأمر، وأخذ يرفض أن يأخذها إلى المستشفى، ويقول إن المستشفى سيميتها، وأحيانًا أولاده يقومون بأمر إيصالها إلى المستشفى أو الطوارئ؛ لأخذ الإبرة، أو مرات قليلة يأخذونها إلى الطبيب، وهي تعترف بأن إبرة المسكن لا تعالج ولا تفعل شيئًا، فقط يزول الألم لوقت بسيط وسرعان ما يعود، بالإضافة إلى أنها لا تأكل بتاتًا، لا شيء من اللحم ولا شيء من الأجبان، ولا أي شيء! فقط تضع خبزًا في الشاي وتأكله، وتقول إنها لا تستطيع أن تبتلع شيئًا، فربما يعود هذا الأمر لكبر سنها، فهي كبيرة جدًّا، وذات مرة أخذتها إلى الطبيب الباطني، وشرحت له أمر هذه الإبرة، لكنه لم يستمع لي لكثرة المرضى في ذلك اليوم، وصرف لنا أدوية وعلاجات، ولكن على شكل حبوب، ولكن جدتي لا تستطيع تمامًا ابتلاعها.

أريد جوابًا شافيًا ووافيًا، خصوصًا مشكلة الإبرة المسكنة، وأيضًا كيفية العلاج، وأعتذر لكم عن الإطالة، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ مهدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا فائدة - يا ولدي - من أخذ الإبرة المسكنة، بل لها أضرار على الكلى، ومعروف أن الإبرة المسكنة للألم هي إبرة (فولتارين Voltaren) أو(ديكلوفيناك الصوديوم Diclofenac Sodium) خمسة وسبعين مليجرامًا، وكثرة أخذ المسكن خطر على الكلى كما قلنا، وعليك أن توضح لها ذلك، وفي نفس الوقت حاول إدخال السرور على قلبها، وإعطاءها إبرة فيتامين (B12) في العضل مرة واحدة في الشهر، وإعطاءها إبرة فيتامين (D) في العضل مرة واحدة كل 4 شهور؛ لما لفيتامين (b12) وفيتامين (D) من فائدة في علاج آلام الجسم وآلام المفاصل، وتنميل الأعصاب، وفي نفس الوقت تشعر الجدة حفظها الله بالراحة النفسية والبدنية؛ لأنها أخذت الإبرة التي تريدها.

مع ضرورة قياس الضغط والتأكد من عدم ارتفاعه، وضرورة فحص السكر الصائم للتأكد من عدم إصابتها بالسكر، وضرورة فحص الهرمون المحفز للغدة (TSH) فقد تعود الرجفة والخفقان إلى زيادة نشاط الغدة الدرقية، والنسبة الطبيعية للهرمون لا تقل 0.45، ولا تزيد عن 4.5، ولا بأس من إعطائها كبسولة من الفيتامينات (يمكن طحنها مع بعض الزبادي أو اللبن الرائب).

وعدم تناول طعام صحي يحتوي على الفواكه والبروتين قد يؤدي إلى الضعف العام، وفقر الدم، ويمكن لبنات الجدة وزوجات الأبناء عمل وجبات سهلة الهضم والبلع، تحتوي على الفطائر واللحم المفروم، وسلطة الفواكه المهروسة والخضار المطبوخ، وكما قلنا بالتناوب دون أن يتحمل أحد الأبناء وحده المسؤولية، على الرغم من أن ذلك يمثل فضلاً وأجرًا وواجبًا دينيًا.

ويمكن تقسيم رعاية الجدة والذهاب بها إلى المستشفى بين الأبناء، وأزواج البنات والبنات والأحفاد؛ لأن وجود الجدة بينكم يمثل كنزًا من الأجر، وسوف يندم مَن قصّر في ذلك على فقده الكثير من الأجر، وقد أمر الله تعالى الأبناء بالإحسان إلى الآباء والأمهات فقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23- 42].

والوالدان هما أحق الناس بالإحسان والتودد، وفي الصحيحين أن رجلاً قال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (ثم أبوك)؛ قال بعض شراح الحديث: خص الأم بثلاثة شدائد لم يشاركها فيها الأب: الحمل، وآلام الطلق، وآلام الولادة”.

ومن عِظم حق الوالدين أنه لا يجوز مفارقتهما إلاّ بإذنهما؛ سواء لطلب رزق أو جهاد أو غير ذلك، وقد روي أن رجلاً هاجر إلى رسول الله (ﷺ) من اليمن، فقال له (ﷺ): (هل باليمن أبواك؟) قال: نعم، قال: (هل أذِنا لك؟) قال: لا، فقال (ﷺ): (ارجع إلى أبويك فاستأذنهما؛ فإن فعلا وإلاّ فبِرَّهما). ومن عظم حقهما أن رضا الله تعالى مقيَّد برضاهما؛ فقد روي أنه (ﷺ) قال: (رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين).

وفقكم الله لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً