الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من طاف شوطاً من طواف الإفاضة داخل الحجر

السؤال

في أحد أشواط طواف الإفاضة دخلت من داخل الحجر دون علمي أن ذلك خطأ وسألت بعد ذلك أحد من كان بصحبتي فقال إنه في بعض المذاهب يصح الطواف بثلاثة أشواط صحيحة وأنا أسأل مرة أخرى هل الحج صحيح؟ أم أنه يلزمني هدي علماً بأنني اعتمرت في سنوات تالية وقمت بأداء شوط بنية أداء هذا الشوط.و جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فمن شروط صحة الطواف أن يكون سبعة أشواط كاملة حول البيت لا داخله، والحجر غالبه من البيت، فمن دخل من الباب الذي بينه وبين البيت وخرج من الباب الآخر، فطوافه باطل إذا اعتد بذلك الشوط.
وعليه، فلا يزال الأخ السائل على إحرامه حتى يتم طوافه على الوجه المشروع، ويسعى إن لم يكن قد سعى قبل هذا الطواف، لأن من شروط صحة السعي وقوعه بعد طواف صحيح.
وإن كان جامع أهله قبل إكمال طوافه، فعليه شاة يذبحها في الحرم، ويوزعها على فقرائه، وبهذا يتم حجه.
وأما إحرامه بالعمرة قبل إتمام الحج، فإنها لا تنعقد، فهي لاغية لبقائه محرماً بالحج.
وننبه الأخ السائل وغيره إلى أنه لا يجوز أن يستفتي إلا من كان أهلاً للإفتاء، ولا يجوز للشخص أن يسأل أي شخص، والعجب أننا نرى كثيراً من الناس يحجمون عن التداوي لأبدانهم عند من لا يحسنه، ولكن في أمور الدين يسألون أي شخص، ولا يحتاطون لدينهم، وهذا خطأ عظيم.
والواجب على المسؤول أن يقول فيما لا يعلم: الله أعلم، لأن القول على الله بلا علم من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف:33].
وقال تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء:36].
وقد قال هذا المسؤول على الله ما لا يعلم، لأن المذاهب الأربعة قد اتفقت على عدم إجزاء ثلاثة أشواط في الطواف.
فالحنفية -رحمهم الله- قالوا: بأن أشواط الطواف على قسمين:
- ركن، وهي أربعة أشواط.
- واجب، وهي ثلاثة أشواط في الطواف.
وقالوا: لو طاف أربعة صح طوافه لفرضه، وعليه دم لما نقص من الواجب، لكن إذا تدارك فطاف الأشواط الباقية صح، وسقط عنه الدم بشرط أن يتدارك قبل آخر أيام التشريق، وهذا هو المعتمد عندهم، وذهبت طائفة منهم كابن الهمام إلى أن الأشواط السبعة كلها ركن.
فلعل الأخ المسؤول التبس عليه مذهبهم، فظن أن الاشواط الثلاثة فقط هي الركن عند الحنفية، والصواب عندهم أنها أربعة.
والقول الراجح هو مذهب جمهور الفقهاء لا مذهب الحنفية.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة