الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الإحرام المطلق بدون تعيين نسك

السؤال

هل من دخل مكة محرما وقال لبيك نسكا (وسيبدأ بدون أن يعين أو يقوم بأعمال العمرة أي طواف وسعى ) هل يجب عليه مباشرة أن يقول عمرة قبل أي شيء أم يستمر على نسك ويبدأ بطواف القدوم؟ وهل هو نفسه طواف العمرة أم من الممكن أن يستريح ليوم أو أكثر وهو محرم ثم يبدأ بالطواف؟ وهل إذا طاف يكون ذلك طواف العمرة أو القدوم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالإحرام المطلق بدون تعيين نسك صحيح منعقد، ثم إن المحرم يصرف نيته إلى ما شاء من أنواع النسك، فإن أراد الحج فقط عمل أعماله بعد أن ينوي بقلبه صرف نيته إلى الإفراد، ولا يشترط النطق بل نيته كافية في تعيين النسك الذي يريده، وإن أراد التمتع نوى العمرة التي يتحلل بها إلى الحج ثم شرع في أعمالها، وكذا إذا أراد القران فإنه ينويه ثم يشرع في أعمال الحج الذي تدخل فيه العمرة.

قال الخطيب الشربيني رحمه الله: (و ) ينعقد أيضا ( مطلقا ) وذلك ( بأن لا يزيد على نفس الإحرام ) بأن ينوي الدخول في النسك الصالح للأنواع الثلاثة أو يقتصر على قوله أحرمت ( والتعيين أفضل ) من الإطلاق وحكى هذا عن نص الأم ليعرف ما يدخل عليه، قالوا ولأنه أقرب إلى الخلاص ( فإن أحرم ) إحراما ( مطلقا في أشهر الحج صرفه بالنية ) لا باللفظ فقط ( إلى ما شاء من النسكين أو إليهما ) معا إن صلح الوقت لهما ( ثم اشتغل ) بعد الصرف ( بالأعمال ) فلا يجزئ العمل قبله. انتهى.

وفي الروض المربع مع حاشيته: ومن أحرم مطلقا جاز وصرفه لما شاء، وفاقًا: قال الشيخ: ولو أحرم إحرامًا مطلقًا جاز، فلو أحرم بالقصد للحج من حيث الجملة، ولا يعرف هذا التفصيل جاز، ولو أهل ولبى كما يفعل الناس قاصدًا للنسك، ولم يسم شيئًا بلفظه، ولا قصده بقلبه، لا تمتعًا، ولا إفرادًا، ولا قرانًا، صح حجه أيضًا، وفعل واحدًا من الثلاثة، وإن أحرم بنسك ونسيه، صرفه إلى أي الأنساك شاء. انتهى.

فإذا علمت هذا فإنه إذا أحرم مطلقا ثم أراد التمتع بالعمرة إلى الحج، فإنه يطوف طوافا واحدا للعمرة والقدوم، ويجزيه عنهما.

قال في كشاف القناع: ( ثم يبدأ بطواف العمرة إن كان معتمرا ) أي محرما بالعمرة متمتعا أو غيره ( ولم يحتج أن يطوف لها طواف قدوم ) كمن دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة فإنه يكتفي بها عن تحية المسجد. انتهى.

ثم إن المعتمر إن دخل مكة وأراد أن يؤخر الطواف يوما أو يومين فلا حرج عليه في ذلك ويكون قد خالف السنة فإن طواف القدوم مستحب لا واجب على الراجح، وانظر الفتوى رقم: 3616. ثم إنه يجب عليه بعد ذلك طواف العمرة ولا يكون عن القدوم إذا طال الفصل لأن طواف القدوم إذا فات لم يقض بل يكون سنة فات محلها، عند بعض العلماء.

قال في كشاف القناع: ( ولم يقض طواف القدوم ) لفوات محله كتحية المسجد. انتهى.

وعند الشافعية في فوات طواف القدوم بالتأخير وجهان.

قال في مغني المحتاج: ولو أخر طواف القدوم ففي فواته وجهان حكاهما الإمام لأنه يشبه تحية المسجد وقضيته أنه لا يفوت وهو كذلك، ومعلوم أنه لا يفوت بالجلوس في المسجد كما تفوت به تحية المسجد.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة